في إطار جهودها لمكافحة التهرب الضريبي وتعزيز الشفافية الاقتصادية، أطلقت وزارة الخزانة والمالية التركية حملة رقابية شاملة تستهدف ما يُعرف بـ«الفواتير الوهمية»، مستخدمة نظاماً متطوراً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي يحمل اسم «كورغان» (KURGAN sistemi).
ووفقاً لمصادر في الوزارة، دخل النظام الجديد حيّز التنفيذ في الأول من أكتوبر، ليبدأ في تتبّع وتحليل جميع عمليات البيع والشراء داخل الاقتصاد التركي، معتمداً على بيانات لحظية لتحديد المعاملات التي تنطوي على مخاطر احتيالية.
الذكاء الاصطناعي يكشف معاملات بمئات المليارات
وخلال تحليله للبيانات، رصد النظام ما يقرب من 578 مليار ليرة تركية من المعاملات التي تمّت خلال عامي 2023 و2024، اعتُبرت عالية المخاطر.
وأظهرت النتائج أن 8,753 بائعاً و35,901 مشترياً ارتبطوا بمعاملات بلغت قيمتها 190 مليار ليرة خلال عام 2023، بينما كشف تحليل عام 2024 عن 11,530 بائعاً و52,557 مشترياً ضمن صفقات مشبوهة تجاوزت قيمتها 389 مليار ليرة.
وبعد استبعاد التكرار بين الأطراف، تبيّن أن 17,373 بائعاً و77,834 مشترياً شاركوا في عمليات بقيمة إجمالية بلغت 578 مليار ليرة، خضعت جميعها لتقييم المخاطر من قبل نظام كورغان الذكي.
إنذارات مبكرة وتوجيه قبل العقوبات
بدأت الوزارة في توجيه أكثر من 70 ألف إخطار رسمي إلى الشركات وأصحاب الشركات الذين ظهرت معاملاتهم ضمن الفئة الخطرة، مطالبةً إياهم بتقديم تفسيرات وتصحيحات قبل الشروع في أي إجراءات قانونية.
وتهدف هذه الخطوة، بحسب الوزارة، إلى رفع مستوى الوعي الضريبي ومنح الفرصة لأصحاب الشركات لتصحيح الأخطاء دون التعرض للعقوبات.
كما تم فتح تحقيقات شاملة بحق أكثر من 17 ألف بائع يُشتبه بتورطهم في عمليات غير قانونية، على أن تُستخدم ردود المشترين كأدلة في مسار هذه التحقيقات.
وفي الوقت ذاته، تم إخطار المستشارين الماليين الذين يشرفون على ملفات هؤلاء المكلّفين، بهدف مساعدتهم في تصحيح المسار المالي لعملائهم، دون تحميلهم أي مسؤولية قانونية مباشرة.
النظام لا يصنّف المخالفين بل يمنع الوقوع في الخطأ
وأكدت الوزارة أن نتائج نظام «كورغان» لا تعني بالضرورة تصنيف البائعين أو المشترين كمستخدمين أو مزوّرين لفواتير وهمية ، بل تهدف إلى الوقاية المسبقة وتسهيل تصحيح السجلات المالية قبل تحوّلها إلى مخالفات.
شيمشك: نحمي المكلفين الشرفاء ونعزز الامتثال الطوعي
من جانبه، شدد وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك على أن الوزارة ماضية في مكافحة الاقتصاد غير الرسمي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا وتحديث أنظمة الرقابة المالية، مؤكدًا أن الهدف من النظام الجديد ليس العقاب بل التوعية.
وقال شيمشك:
“نسعى إلى تعزيز الامتثال الطوعي وحماية حقوق المكلفين الشرفاء. لا داعي للقلق لمن يتعاملون في عمليات حقيقية وموثقة، فهذه الأنظمة وُجدت لحمايتهم لا لمعاقبتهم.”
بهذا التحرك، تضع تركيا خطوة جديدة في مسارها نحو اقتصاد أكثر شفافية يعتمد على التكنولوجيا الحديثة في مكافحة التهرب الضريبي وضبط المعاملات التجارية.
المصدر: ميلييت | ترجمة وتحرير: بوستانبول





