
في ظل التحولات المتسارعة في مجال التكنولوجيا المالية، تسعى الدول إلى بناء أنظمة دفع مستقلة تعزز أمنها المالي وتقلل من تبعيتها للأنظمة العالمية. ومن بين أبرز هذه المبادرات، يبرز نظام الدفع التركي TROY (Türkiye’nin Ödeme Yöntemi) الذي بات رمزًا للسيادة الرقمية في الجمهورية التركية، وخطوة جريئة نحو استقلالية البنية التحتية المالية للبلاد.
ما هو نظام TROY؟
TROY هو اختصار لعبارة “Türkiye’nin Ödeme Yöntemi“ والتي تعني “نظام الدفع التركي”، وهو أول نظام وطني للدفع الإلكتروني في تركيا. تم إطلاقه رسميًا في عام 2016 من قبل شركة البطاقات المصرفية التركية (BKM – Bankalararası Kart Merkezi)، بالتعاون مع البنك المركزي التركي ومجموعة من البنوك الرائدة.
أهداف TROY
- تقليل الاعتماد على الشبكات الدولية مثل Visa وMasterCard.
- خفض رسوم التحويلات والمعاملات من خلال نظام محلي.
- تعزيز الأمن القومي المالي عبر بنية تحتية داخلية بالكامل.
- تشجيع الابتكار المحلي في مجال التكنولوجيا المالية (FinTech).
- نشر ثقافة الدفع الإلكتروني وتقليل استخدام النقد.
كيف يعمل نظام TROY؟
يعمل TROY تمامًا مثل أنظمة البطاقات العالمية، حيث يمكن إصدار:
- بطاقات خصم (Debit Cards)
- بطاقات ائتمان (Credit Cards)
- بطاقات مسبقة الدفع (Prepaid Cards)
وتُستخدم هذه البطاقات لإجراء عمليات الدفع عبر نقاط البيع (POS)، الشراء عبر الإنترنت، والسحب من أجهزة الصراف الآلي (ATM).
تكامل مع البنية التحتية البنكية
تم دمج نظام TROY بالكامل مع شبكات الدفع المحلية، ويمكن لحاملي بطاقات TROY استخدامها في:
- جميع المتاجر التي تقبل البطاقات المصرفية في تركيا.
- أجهزة الصراف الآلي الخاصة بالبنوك التركية.
- المنصات الإلكترونية التركية.
ورغم أن التركيز الأساسي ينصب على السوق المحلي، فقد بدأت بعض البنوك في العمل على خدمات قبول دولية لبطاقات TROY في المستقبل القريب.

من هم مزودو بطاقات TROY؟
أغلب البنوك التركية الكبرى توفر بطاقات TROY ضمن خدماتها، ومن أبرزها:
البنك | نوع البطاقة |
Ziraat Bankası | بطاقة خصم وائتمان TROY |
VakıfBank | بطاقة TROY مسبقة الدفع |
Halkbank | بطاقة TROY للمدفوعات المحلية |
Türkiye İş Bankası | بطاقات TROY متعددة الاستخدام |
QNB Finansbank | بطاقات TROY متكاملة مع الخدمات البنكية الرقمية |

كما بدأت العديد من المحافظ الإلكترونية التركية (مثل Papara وPaycell) في توفير دعم مباشر لبطاقات TROY.

مزايا TROY للمستهلكين
- تكاليف أقل: رسوم أقل من البطاقات الدولية.
- سهولة الاستخدام: تعمل كبطاقة محلية عادية دون تعقيد.
- أمان عالي: خاضعة للرقابة المحلية ومراقبة البنك المركزي.
- دعم الاقتصاد الوطني: كل معاملة تساهم في تعزيز البنية المالية التركية.
مزايا TROY للدولة
- استقلالية مالية: تقليل الاعتماد على شركات دولية مثل Visa وMasterCard.
- حماية البيانات السيادية: عدم تمرير البيانات المالية للمواطنين خارج البلاد.
- إيرادات محلية: الرسوم تبقى داخل الاقتصاد التركي بدلاً من تحويلها إلى جهات خارجية.
تطورات TROY في السنوات الأخيرة
شهدت السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في عدد البطاقات الصادرة عن نظام TROY، خاصة بعد الدعم الحكومي الكبير والمبادرات التي شجعت على التحول إلى الدفع الرقمي، خاصة بعد جائحة كورونا. كما تم دمج TROY في العديد من المشاريع الحكومية مثل:
- بطاقات الدعم الاجتماعي
- بطاقات الموظفين الحكوميين
- مبادرات المدفوعات الرقمية في البلديات
مستقبل TROY
المراقبون يتوقعون أن يتحول TROY إلى ركيزة أساسية في منظومة المدفوعات التركية، خاصة في ظل:
- خطط التوسع نحو القبول الدولي عبر التعاون مع أنظمة دفع أخرى.
- دعم شركات التكنولوجيا المالية المحلية لابتكار حلول تعتمد على TROY.
- تكامل TROY مع العملات الرقمية السيادية، مثل الليرة الرقمية (Digital Lira) التي يعمل عليها البنك المركزي التركي.
هل TROY بديل حقيقي لـ Visa وMasterCard؟
في السياق المحلي، نعم. TROY أصبح بديلاً وطنياً قوياً لأنظمة الدفع الدولية، خصوصًا للمدفوعات داخل تركيا. لكن على الصعيد الدولي، لا تزال بطاقات Visa وMasterCard متفوقة من حيث الانتشار العالمي، وهو ما يجعل TROY خيارًا مخصصًا للمعاملات داخل الحدود التركية، إلى أن يتم تعزيز شراكات دولية مستقبلًا.
خاتمة
مع إطلاق نظام الدفع التركيTROY، أثبتت تركيا أنها قادرة على بناء نظام دفع وطني مستقل وقادر على المنافسة. في عالم تزداد فيه أهمية الأمن السيبراني والسيادة المالية، يشكل TROY خطوة جريئة نحو مستقبل رقمي مستقل. وبفضل التعاون بين القطاعين العام والخاص، قد يكون TROY نموذجًا يُحتذى به في المنطقة والعالم الإسلامي، لتحقيق التوازن بين الابتكار والخصوصية والاستقلال المالي.
إعداد فريق بوستانبول