تستعد شركات التأمين وأصحاب المركبات في تركيا لدخول مرحلة جديدة في تأمين السيارات اعتبارا من الأول من يوليو المقبل، مع دخول لوائح جديدة صادرة عن هيئة تنظيم والإشراف على التأمين والمعاشات الخاصة (SEDDK) حيز التنفيذ.
تهدف هذه التعديلات الجذرية إلى إعادة تعريف معايير اعتبار المركبات “متضررة بشدة” (Pert)، مما سيؤثر بشكل مباشر على الآلاف من حوادث السيارات السنوية، ويغير مسار التعامل مع المطالبات التأمينية.
لطالما كانت الأرقام تشير إلى واقع مقلق؛ ففي السابق، كانت 4% من السيارات المؤمنة بتأمين شامل و3% من السيارات المؤمنة بتأمين المرور الإلزامي تُصنف على أنها متضررة بشدة، مما كان يؤدي إلى إخراج ما بين 30 إلى 35 ألف سيارة من الخدمة سنويا لكونها غير قابلة للإصلاح. لكن اللوائح الجديدة ستغير هذا المشهد جذريا.
📊 ما الجديد؟
🔍 تعريفات جديدة للضرر: وضوح ينهي الجدل
تضع اللوائح الجديدة تعريفات أكثر دقة للضرر، مما يقلل من المساحة للتأويل ويضمن تطبيقا موحدا:
- الضرر الكلي: ستعتبر السيارة متضررة كليا إذا تجاوزت تكلفة إصلاحها قيمتها السوقية، وكانت في حالة لا تسمح بالإصلاح على الإطلاق.
- الضرر الجسيم: ستُصنف السيارة على أنها متضررة جسيما إذا تجاوزت تكلفة إصلاحها 60% من قيمتها السوقية.
وبموجب هذه القواعد، لن تتمكن شركات التأمين بعد الآن من اعتبار السيارات التي تقل نسبة ضررها عن 60% “متضررة بشدة”، بل سيتوجب عليها إصلاح هذه المركبات.
ضرر أقل من 60٪:
يُعد الضرر في هذه الحالة “قابلا للإصلاح”، ويُلزم مالك السيارة بإصلاحها، حتى وإن رغب في التخلص منها. لا تُعتبر السيارة تالفة بالكامل.ضرر يتراوح بين 60٪ و100٪:
تُصنّف السيارة ضمن فئة “أضرار جسيمة”، وتخضع لإجراءات خاصة تشمل إصدار تقرير فني وشهادة “سحب من المرور”، لكنها لا تُعتبر تلفا كليا بعد.ضرر بنسبة 100٪ أو أكثر:
في حال تجاوزت تكاليف الإصلاح القيمة السوقية الكاملة للسيارة، تُصنّف السيارة على أنها “تالف كلي” (Pert) ويتم شطبها من المرور نهائيا مع صرف تعويض كامل للمالك.
⚠️ استثناءات حيوية: قطع الغيار الأساسية على المحك
تدرك هيئة SEDDK أن بعض الأضرار، حتى لو كانت نسبتها منخفضة، قد تؤثر بشكل كارثي على سلامة المركبة وقابليتها للتشغيل. لذا، فقد تم تحديد عشر قطع غيار حيوية، إذا تعرضت أي منها للتلف، يمكن اعتبار السيارة متضررة بشدة، حتى لو كانت نسبة الضرر الإجمالية أقل من 60%. تشمل هذه الأجزاء:
- أذرع الشاسيه
- العتبات الجانبية
- سقف ولوح الصدر
- العمود الأوسط
- العوارض الأمامية والخلفية
- بطارية السيارة الكهربائية وخط الطاقة الرئيسي
- الوسائد الهوائية
- أنظمة سلامة السائق والراكب
- النظام الكهربائي الرئيسي للسيارة
- أجزاء الأنظمة الإلكترونية
يؤدي تلقائيا إلى تصنيف السيارة ضمن فئة “أضرار جسيمة”، ما يمنع إعادة استخدامها على الطرق قبل إخضاعها للفحص الفني وسحبها رسميا.
تأثير مباشر على أصحاب وثائق التأمين
👨🔧صلاحيات التقييم والرقابة
ستُحدث هذه التغييرات تحولا كبيرا في طريقة تعامل المؤمّن عليهم مع مطالباتهم:
قرار الخبير هو الأساس: لم يعد الاتفاق المباشر بين شركة التأمين والمؤمّن عليه ممكنا. سيصبح قرار خبراء التقييم هو الفيصل في تحديد الضرر الكلي أو الجسيم، ويُمنع على شركات التأمين أو المالك التدخل في هذا التقييم أو طلب تصنيفات مخصصة دون مسوغات فنية وسيتعين على الخبراء إعداد تقاريرهم خلال خمسة أيام عمل.
إلزامية تسليم المستندات: لن يتم صرف تعويض الأضرار إلا بعد تسليم شهادة تسجيل الخردة للسيارات المتضررة كليا، وشهادة سحبها من المرور للسيارات المتضررة جسيما، إلى شركة التأمين.
تقييد مزادات الخردة: في الحالات التي لا تُصنف فيها الأضرار على أنها كلية أو جسيمة، لن يُسمح لشركات التأمين ببيع المركبات عبر منصات مزادات الخردة.
تبدأ تركيا تطبيق نظام تأميني أكثر صرامة وشفافية اعتبارا من يوليو المقبل، ما يعزز من نزاهة القطاع التأميني ويضع حدا للتقديرات العشوائية في تحديد التلف الكامل للمركبات. وتشير التوقعات إلى أن هذه الخطوة ستسهم في تحسين سلامة الطرق، وضبط السوق، وحماية المستهلكين من الخسائر غير المبررة.
ويتوقع خبراء التأمين أن هذه الفترة الجديدة ستزيد من صعوبة تصنيف السيارات على أنها متضررة بشدة، مما سيغير بدوره توقعات المؤمّن عليهم، وخاصة أصحاب وثائق التأمين الشامل. سيتعين على هؤلاء الآن توجيه مطالباتهم واستفساراتهم السابقة بشكل مباشر إلى خبراء التقييم، مما يؤكد على الدور المحوري الذي سيلعبه الخبراء في هذا العصر الجديد لتأمين السيارات.
قوانين تأمين السيارات في أوروبا (مقارنة عامة)
في أوروبا، لا يوجد نظام تأمين موحد تماما، حيث تختلف القوانين قليلا بين الدول الأعضاء. ومع ذلك، هناك مبادئ ومعايير عامة متشابهة، خاصة فيما يتعلق بتحديد “الخسارة الكلية” (Total Loss أو Write-Off):
مفهوم “الخسارة الكلية الاقتصادية” (Economic Total Loss / Constructive Total Loss): هذا هو المفهوم الأكثر شيوعا في أوروبا. تُعتبر السيارة خسارة كلية اقتصادية عندما تتجاوز تكلفة الإصلاح نسبة معينة من قيمة السيارة السوقية قبل الحادث، أو عندما تتجاوز تكلفة الإصلاح القيمة السوقية للسيارة تماما.
هذه النسبة ليست موحدة عبر أوروبا؛ فبعض الدول قد تحددها عند 60% أو 70% أو 80% من قيمة السيارة، بينما تعتمد دول أخرى على أن تتجاوز التكلفة القيمة السوقية بالكامل.
ألمانيا: غالبا ما يعتبر الضرر “خسارة اقتصادية كلية” إذا تجاوزت تكلفة الإصلاح 100% من قيمة السيارة السوقية.
المملكة المتحدة: تعتمد على نظام “فئات الشطب” (Write-Off Categories: Cat A, B, S, N) بناء على طبيعة وحجم الضرر ومدى قابلية السيارة للإصلاح بأمان واقتصاديا:
- Cat A (Scrap): يجب تخريد السيارة بالكامل ولا يمكن استخدام أي من أجزائها.
- Cat B (Break): يجب تدمير هيكل السيارة، ولكن يمكن استخدام بعض الأجزاء.
- Cat S (Structural Damage): ضرر هيكلي يمكن إصلاحه بأمان، ولكن تكلفة الإصلاح تفوق قيمة السيارة. يمكن إعادتها إلى الطريق بعد الإصلاح والفحص.
- Cat N (Non-Structural Damage): ضرر غير هيكلي (مثل الأضرار الميكانيكية أو الكهربائية)، ويمكن إصلاحها وإعادتها إلى الطريق.
فرنسا: تعتمد على تقييم الخبير لتحديد ما إذا كانت تكلفة الإصلاح تفوق القيمة السوقية، ويجب أن تتفق شركة التأمين مع المالك على قيمة التعويض.
الأضرار التي لا يمكن إصلاحها بأمان: في جميع الدول الأوروبية تقريبا، إذا كانت السيارة متضررة لدرجة لا يمكن إصلاحها بأمان لتعود إلى الطريق (Technical Total Loss)، بغض النظر عن التكلفة، فإنها تُعتبر خسارة كلية.
دور الخبراء: يلعب خبراء تقييم الأضرار دورًا محوريًا في جميع أنحاء أوروبا. يتم إرسال الخبير لتقييم الضرر وتحديد ما إذا كانت السيارة خسارة كلية أم لا.
إعادة تدوير المركبات المتضررة: هناك تركيز متزايد في أوروبا على إعادة تدوير المركبات المتضررة واستخدام الأجزاء القابلة للاستخدام، خاصة في فئات الشطب (مثل Cat B في المملكة المتحدة).
نقاط المقارنة الأساسية:
| الميزة | القوانين التركية الجديدة | القوانين الأوروبية (مبادئ عامة) |
| تعريف “الضرر الكلي” | دقيق ومحدد: تتجاوز تكلفة الإصلاح القيمة السوقية للسيارة و السيارة غير قابلة للإصلاح. | أكثر مرونة: غالبا ما يسمى “الخسارة الكلية الاقتصادية” (Constructive Total Loss) ويحدث عندما تتجاوز تكلفة الإصلاح نسبة معينة (تختلف من 60% إلى 100%) من قيمة السيارة السوقية، أو عندما تكون غير آمنة للإصلاح بغض النظر عن التكلفة (“الخسارة الكلية الفنية”). |
| تعريف “الضرر الجسيم” | محدد: يتجاوز 60% من القيمة السوقية، وتُلزم الشركة بإصلاح ما دون هذه النسبة (باستثناء الأجزاء الحيوية). | غير موحد: لا يوجد تعريف موحد لـ “الضرر الجسيم” كفئة منفصلة تؤدي بالضرورة إلى إصلاح السيارة دون أن تُصنف كخسارة كلية. الفئات الأوروبية (مثل Cat S/N في المملكة المتحدة) تحدد نوع الضرر الهيكلي وغير الهيكلي الذي يمكن إصلاحه، حتى لو كانت التكلفة تفوق القيمة السوقية، مع التأكيد على ضرورة الإصلاح الآمن. |
| قائمة الأجزاء الحيوية | ميزة تركية فريدة: وجود قائمة محددة من 10 أجزاء، تلف أي منها يمكن أن يصنف السيارة كـ “متضررة بشدة” حتى لو كانت نسبة الضرر الإجمالية منخفضة. هذا يهدف إلى ضمان السلامة الهيكلية والوظيفية للمركبة. | مفهوم ضمني: لا توجد قوائم مماثلة محددة علنًا بهذه الطريقة، ولكن خبراء التقييم يأخذون في الاعتبار طبيعة الضرر، خاصة الأضرار الهيكلية وأضرار أنظمة السلامة (مثل الوسائد الهوائية والشاسيه)، عند تحديد ما إذا كانت السيارة “خسارة كلية فنية” أو تصنيفها ضمن فئات الشطب التي تتطلب التخريد (مثل Cat A/B في المملكة المتحدة). |
| دور الخبراء | أساسي وحصري: قرارات الضرر الكلي والجسم تعتمد حصريًا على تقارير الخبراء، مع إلغاء الاتفاقات المباشرة. | أساسي ولكن قد يختلف التفويض: يعتمد تقييم الضرر بشكل كبير على الخبراء في جميع أنحاء أوروبا. ومع ذلك، قد تظل هناك مساحة للتفاوض بين المؤمّن عليه والشركة بناء على تقرير الخبير في بعض الحالات، خاصة في تحديد القيمة السوقية قبل الحادث. |
| بيع المركبات المتضررة | تقييد صارم: منع بيع المركبات التي لا تُصنف كـ “ضرر كلي” أو “جسيم” عبر مزادات الخردة، مما يعني أن شركات التأمين ستتحمل مسؤولية إصلاحها أو تقديم تعويض نقدي. | فئات متعددة لإعادة الاستخدام/التخريد: تتبع دول مثل المملكة المتحدة نظامًا مفصلاً لفئات الشطب (Cat A, B, S, N) التي تحدد ما إذا كان يمكن للسيارة العودة إلى الطريق بعد الإصلاح (S, N) أو يجب تخريدها بالكامل (A) أو تخريد هيكلها مع إمكانية استخدام بعض الأجزاء (B). هذا يوفر مرونة أكبر في التعامل مع المركبات المتضررة. |
| الهدف العام | زيادة الشفافية والسلامة: تهدف إلى منع إعادة السيارات المتضررة بشكل كبير إلى الطرق دون إصلاحات كافية، وتقليل عدد المركبات التي تخرج من الخدمة بشكل غير ضروري. | الاستدامة والسلامة: تركز على ضمان سلامة المركبات العائدة إلى الطريق، بالإضافة إلى تعزيز إعادة التدوير وإعادة استخدام الأجزاء القابلة للاستخدام لتقليل النفايات. |
الخلاصة
بينما تشترك تركيا وأوروبا في الهدف الأساسي المتمثل في حماية المؤمّن عليهم وضمان سلامة المركبات، تختلف التفاصيل التنظيمية في كيفية تحقيق هذا الهدف، حيث يبدو النهج التركي أكثر تحديدا في نسب الضرر وقوائم الأجزاء، بينما قد توفر بعض الأنظمة الأوروبية مرونة أكبر في التعامل مع الأضرار القابلة للإصلاح ضمن فئات محددة.
ترجمة و تحرير – بوستانبول
