
في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى القطاع المصرفي في تركيا، أعلنت هيئة أسواق رأس المال (SPK) أن 7 بنوك تركية تقدمت بطلبات رسمية للحصول على ترخيص لتقديم خدمات “تخزين العملات الرقمية” (crypto custody)، ضمن الإطار القانوني الجديد الذي ينظّم التعامل مع الأصول المشفرة.
ويأتي هذا التطور بعد دخول اللوائح التنظيمية للعملات الرقمية حيز التنفيذ، والتي تتضمن شروطا دقيقة لترخيص الشركات الراغبة في تقديم خدمات الحفظ الإلكتروني للعملات الرقمية، على رأسها شرط التأسيس برأسمال لا يقل عن 500 مليون ليرة تركية، بالإضافة إلى الحصول على موافقة من هيئة الرقابة المصرفية (BDDK).
🏦 البنوك تتأهب للمستقبل الرقمي
وفقًا لمصادر مطلعة، فإن المؤسسات البنكية التي تقدمت بطلبات الترخيص تشمل أسماء مصرفية كبرى بدأت فعليا في إنشاء بنى تحتية رقمية لتقديم خدمات الحفظ بشكل آمن وموثوق. كما تقدمت 4 شركات أخرى بطلبات مماثلة، ليبلغ العدد الإجمالي للجهات التي تسعى لدخول هذا القطاع 11 جهة مرخصة محتملة.
وتعد هذه الخطوة استجابة مباشرة لتنامي الطلب المحلي على خدمات الحماية المؤسسية للأصول الرقمية، في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها منصات تداول العملات الرقمية العالمية.
🛡️ تنظيم السوق وبناء الثقة
يهدف التشريع الجديد إلى تقنين قطاع العملات الرقمية داخل تركيا، وتعزيز ثقة المستثمرين الأفراد والمؤسسات من خلال منح البنوك والشركات المؤهلة صلاحيات تخزين وإدارة الأصول المشفرة ضمن بيئة قانونية شفافة وآمنة.
ويُتوقع أن يسهم دخول البنوك في مجال تخزين العملات المشفرة في تحفيز مزيد من المستثمرين المحليين على دخول السوق الرقمية، وسط إشارات على نية الحكومة دعم الاقتصاد الرقمي وتبني تقنيات “البلوك تشين” على نطاق أوسع خلال السنوات المقبلة.

كيف سيؤثر هذا التشريع الجديد على قطاع الاستثمار في العملات الرقمية للمواطن داخل تركيا
تأثير التشريع الجديد على قطاع الاستثمار في العملات الرقمية داخل تركيا سيكون عميقا ومتشعبا، خاصة على مستوى الثقة، التنظيم، وحماية المستثمرين. إليك أبرز أوجه التأثير:
✅ 1. زيادة الثقة في السوق الرقمية
من أبرز المشكلات التي كانت تواجه المستثمر التركي في العملات الرقمية هي غياب الضمان القانوني وحماية الأصول، خصوصًا بعد إفلاس بعض منصات التداول مثل Thodex.
الآن، مع دخول البنوك الرسمية كمزودي خدمات حفظ العملات الرقمية، تتحول الاستثمارات من “مخاطرة غير محسوبة” إلى “أصول قابلة للحماية القانونية“، مما سيشجع فئات جديدة من المستثمرين، خصوصًا المترددين، على دخول السوق.
✅ 2. توسّع الاستثمار المؤسسي والمحافظ الذكية
مع وجود تشريع رسمي، ستبدأ المؤسسات المالية، وصناديق الاستثمار، وحتى الشركات الصغيرة والمتوسطة بالنظر إلى العملات الرقمية كأصول استثمارية شرعية يمكن إضافتها إلى المحافظ المالية.
وقد نشهد ولادة منتجات استثمارية جديدة مثل:
- صناديق مؤشرات رقمية (Crypto ETFs)
- حسابات تقاعد تستثمر جزئيا في العملات الرقمية
- تأمينات على الأصول الرقمية عبر البنوك
✅ 3. تعزيز الشفافية وتقليل الاحتيال
دخول البنوك – تحت رقابة هيئة SPK وBDDK – يعني أن العمليات ستكون أكثر شفافية، مع معايير AML (مكافحة غسيل الأموال) وKYC (اعرف عميلك).
هذا سيقلص من دور المنصات المجهولة أو غير المرخصة، ويحمي المستثمر من النصب والاحتيال.
✅ 4. سهولة الوصول والاستثمار للمواطنين العاديين
بفضل الربط مع التطبيقات البنكية الموثوقة (مثل Ziraat Mobil أو Garanti BBVA)، سيتمكن أي مواطن من:
- شراء وبيع العملات الرقمية من خلال البنك مباشرة
- تخزينها بشكل آمن دون الحاجة لمحافظ خارجية
- تتبع أداء الاستثمار ضمن تطبيق البنك
هذا سيجعل العملات الرقمية أكثر سهولة وشيوعا لدى المواطن التركي العادي.
✅ 5. إدماج العملات الرقمية في الاقتصاد التركي
هذا التشريع لا يقتصر فقط على الحفظ، بل هو بداية لإضفاء الشرعية على العملات المشفرة كأداة اقتصادية، ما قد يمهد لاحقًا لـ:
- قبول المدفوعات بالعملات الرقمية لدى بعض الشركات
- استخدام البلوك تشين في القطاعات الحكومية
- إطلاق عملة رقمية وطنية (Turkcoin)
❗ملاحظة مهمة:
رغم هذه الإيجابيات، قد تؤدي القوانين أيضا إلى:
- فرض ضرائب مستقبلية على أرباح العملات الرقمية
- مراقبة حكومية على حجم وقنوات الاستثمار
لكن بالمجمل، فإن الاتجاه هو نحو تقنين السوق وليس تقييده.